نحن في حركة "فتح" اصحاب القضية وحملة رايتها عبر اربعة عقود متوالية، ومن باب حرصنا على قضيتنا نجد ان توحيد جناحي الوطن هي اولوية اولى لحركتنا وواجب اساسي لا يجوز التلكؤ فيه، ومن هنا يتوجب علينا ودون لين البحث عن الآليات الكفيلة بإجبار "حماس" على الالتزام بشروطنا العادلة آنفة الذكر، وأحد أهم هذه الآليات عبر الاستعانة بالضغوط العربية في الرياض والقاهرة ودمشق، اما اولئك الذين لا يؤمنون بوجود مثل هذه الآليات فليتنحوا جانبا ويتركوننا نعمل.
في حال قيامنا بذلك نكون نحن قد اخلينا مسؤوليتنا التاريخية امام الله والشعب والامة بكاملها، ولن يكون أمام "حماس" سوى أحد امرين، قبول الاشتراطات العادلة لـ"فتح" ومنظمة التحرير، منهية بذلك الازمة الداخلية، او الرفض مما سوف يتركها عارية، موقعة نفسها في العزلة الداخلية والعزلة العربية.
لسنا نحن من اكتشف فجأة ان غزة تحولت الى مشكلة عالمية، ان محاولة القاء تبعات الانقلاب في غزة على دول بعينها مثل قطر وسوريا وايران لا يزيد عن كونه تهرب من مواجهة الحقائق الداخلية التي نجمت عن اخفاق السياسات التي اتبعناها في السنوات الاخيرة، وهي التي تقع في قاعدة المشاكل التي يعاني منها الوضع الراهن الفلسطيني، فما الذي سوف تقدمه غزة لحماية المفاعل النووي الايراني من الطائرات الاسرائيلية التي تذرع اجواء المتوسط في مسارات تدريب واضحة (حيث ان البعض منا قد ادعى ان الانقلاب جاء بأمر ايراني لحماية المفاعلات الذرية الايرانية)، وهل نستطيع ان نحاسب الدول على مواقفها الداعمة او الناقدة لنا..؟ من واجبنا ان نتجنب الإصطدام غير المبرر مع اي طرف كان، لان ذلك من شأنه أن يضعف موازين القوى الفلسطينية الضرورية للإصطفاف في مواجهة كتاب الضمانات الأميركية لشاورن. اكرر قولي بأن اخفاقاتنا الداخلية هي نتاج للسياسات الفاشلة التي اتبعناها في سنواتنا الاخيرة.
يجب ان يكون موقفنا من الحوار مبنيا على مصلحة وطنية فقط، وليس استجابة لأية تهديدات محتملة من اولمرت بإعادة الحصار في حال الدخول في حوار مع "حماس".
أيها الأخوة والأخوات
اذا ابتسم الاعداء لنا فعلينا ان نتساءل "أي حماقة ارتكبنا؟" هذا واحد من الدروس الكبرى التي تعلمناها في "فتح" من تجاربنا وتجارب اصدقائنا، وهو أحد المبادئ التي قادت خطانا نحو تحقيق كياننا والحفاظ على وجودنا السياسي. وبالمقابل عندما يرفض اولمرت شيئا فيجب ان نعلم ان نقيضه هو الخط السياسي الصحيح لمصالحنا.
ضرورة عقد المجلس الوطني الفلسطيني
لقد أعلن الأخ ابو علاء قريع انه يطالب بعقد جلسة سريعة للمجلس الوطني الفلسطيني، انني اضم صوتي الى صوته حول ضرورة هذا التوجه، فالمجلس الوطني هو صاحب صلاحيات كاملة وليست صلاحيات مجزوءة كما هو حادث في المجلس المركزي الذي لا يحق له توسيع اللجنة التنفيذية. ولعقد مثل هذه الدورة لا بد من تشكيل لجنة خاصة على اعلى مستوى تضم رئاسة المجلس وممثلين من المجلس المركزي والفصائل الفلسطينية المختلفة.
أيها الأخوة ان الولايات المتحدة تسعى الى تشكيل قيادات فلسطينية جديدة قوامها ممن وقعوا على وثيقة جنيف، هذه الوثيقة التي الغت 133 قرارا للامم المتحدة تصب جميعها في صالح تصويب بعض الظلم التاريخي الذي لحق بالفلسطينيين من جراء اقامة دولة اسرائيل، ولكي يكون لديكم وضوح حول هذه الوثيقة اورد لكم مثالا حول دولة عربية معروفة بمواقفها المدافعة عن القدس تحديدا، عندما احتجت هذه الدولة على وثيقة الضمانات الأميركية التي قدمها بوش لشارون، جاء رد بوش لهذه الدولة برسالة خاصة قال فيها: "انني اعجب لأمر الفلسطينين الذين يحتجون على وثيقة الضمانات الأميركية، مع العلم ان ياسر عبد ربه ويوسي بيلين أقرا امام مجلس العلاقات الخارجية في الكونغرس بان وثيقة جنيف شبه رسمية وفي حال اقرارها كقانون في الكونغرس فسوف يتم الدعوة لعقد اجتماع للمجلس الوطني حيث ستقر رسميا، ألم توافقوا في وثيقة جنيف على التنازل عن حق العودة، ألم توافقوا على تكريس الكتل الاستيطانية الخمس في حين انني وافقت على ثلاث فقط، الم يتحدثوا عن مفهوم new jrusalem في حين انني رفضت هذه المقولة متمسكا بالقدس كعاصمة للدولتين، الم تتم الاشارة الى تبادل للاراضي بما يعني ذلك من عدم العودة الى حدود 67".
من هنا تأتي ضرورة عقد المجلس الوطني الفلسطيني صاحب الصلاحية والمخول بإيجاد افضل الصيغ التي سوف تلائم مصالح الشعب الفلسطيني فقط، لا ما سوف يحاول بوش واولمرت فرضه علينا بمختلف الوسائل والتي من اهمها التلويح بحرماننا من لقمة العيش إذا لم نقبل تكريس قيادات يريدونها بعينها.
مع حكومة سلام فياض
وفي هذا المجال اعلن تأييدي مبدئيا لحكومة سلام فياض، لقد طلب مني دوليا ان ابدي رأيي بهذه الحكومة التي اكتسبت شرعيتها بحكم قوة القانون التي تخول الرئيس الفلسطيني تشكيل وحل الحكومات. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه على غرار المنهج الذي اتبعته منذ البداية، ماهية المنطلقات السياسية لتشكيل هذه الحكومة، نحن لا نريد لحكومة سلام فياض ان تكون ذات مقاييس تختص بحل الازمة الانسانية التي يواجهها الشعب الفلسطيني، بل نريدها حكومة ذات برنامج سياسي وهدف واضح، هو انجاز التسوية الشاملة والدائمة بدون مواربة وتكتيكات خاطئة، وكلنا امل ان يكون تصريح سلام فياض لمحطة CNN بأن مقاومة الاحتلال عمل عبثى جاءت مقابل ثمن سياسي سوف يجبيه، والا يكون قد تبرع مجانا لدعم منطق الاحتلال.
الوضع العربي ممتاز
في زيارته الاخيرة للمنطقة، طلب ديك تشيني من الملك عبد الله بن عبد العزيز منح الولايات المتحدة قواعد تستختدم لضرب ايران الشيعية، فأجابه الملك عبد الله بأنك تدعوني لدعم حرب سنية شيعية اذا ما نشبت سوف تستمر مئة عام، وهذا ما لن نسمح به او نوافق عليه.
اما ملك الاردن عبد الله بن الحسين فقد رفض بطريقته المهذبة اقامة اية علاقة اتحادية مع الضفة الغربية وفلسطين، متمردا بذلك على سياسة امريكية تريده ان يقيم اتحادا مع اشلاء الضفة الغربية بطريقته الدبلوماسية المهذبة التي تتجنب الصدام العلني.
فإذا كانت مثل العربية السعودية والاردنية الهاشمية لها موقف بهذا القدر من الشجاعة فمما لا شك فيه اننا نمتلك قاعدة عربية ممتازة لبدء التحرك بقوة نحو عملية سلام دائمة شاملة وعادلةوذلك عبر العودة إلى أساسيات النضال الفلسطيني وعلى رأسها أن القضية الفلسطينية قضية عربية، وعبر ذلك فقط نؤمن موازين القوى اللازمة للنصر ودعوني أوجه التحية للأخوة في الرياض ودمشق وعمان والقاهرة والرباط والدوحة والإمارات وكل العواصم العربية.
بطة عرجاء
الشهور الاربعة القادمة سوف تكون حاسمة في عهد بوش الابن، فبعد اربعة شهور سوف تبدأ الحملة للإنتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، وهي الفترة التي يصبح فيها الرئيس بطة عرجاء بحكم التزامه بما يسهم في تقديم حزبه ودعم اعادة انتخابه للفترات الرئاسية المقبلة والتي سوف تكون مرهونة بالكامل بالقدرات الهائلة للوبيات الضغط اليهودية. وخلال هذه الفترة يفقد الرئيس الأميركي من قدراته كون من يحيط به ينظر الى القادم الجديد ولا يأبه بمن سوف يغادر. وبالتالي فالرئيس الأميركي سوف يسعى في الشهور الاربعة القادمة الى القيام بمغامرة ما تعيد التوازن الى فشله المتراكم خلال فترتي ولايته او ان يحسن الوضع الانتخابي لحزبه الجمهوري. لهذا يجب ان نتجنب ان نكون من ضحاياه، اذ اننا نتربع على رأس قائمة الضحايا لديه.
ختاما اقول:
ايها الاخوة: ان الأزمة الحالية تكمن في الوضع الداخلي الفلسطيني وعلينا ان نصلح هذا الوضع، ان مهمة الاصلاح تقع على عاتق القيادات الحقيقية للشعب الفلسطيني فالقيادة الحقيقيقة أبوة والأبوة تتعامل مع الوطن كما يتعامل الأب مع بيته جمعا ولم شمل وإصلاح. ويجب ان ننظر الى مبادرتنا بمنظورها الصحيح باعتبارنا اصحاب البيت واصحاب القضية.
اما "حماس" فيجب ان تعلم انها ليست فوق قدرة "فتح" وقدرة منظمة التحرير الفلسطينية وإرادة الشعب الفلسطيني اذا ما قررت مواصلة التحدي.
انني لأشد على ايدي الفتحاويين الصامدين في قطاع غزة واحيي صمودهم، وأترحم على شهداء الشعب الفلسطيني كافة، كما ندعو الله أن يمن بفرجه على كافة الأسرى الفلسطينيين.
وإنها لثورة حتى النصر.
موضوع: تابع ل خطاب هاني الحسن (2) 
2008-03-30, 12:09 am
